بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 14 ديسمبر 2011

لغة الألوان ودلالاتها

    


الألوان من الأساسيات التي نتعامل بها في سير الحياة اليومية كأفراد وجماعات، واللون أساس أبدعت فيه الطبيعة حد المعجزات، وجسد عدة دلالات مختلفة المظاهر والاتجاهات إذن كيف نستوعب الألوان؟ كيف وضع في الطبيعة؟ ما الدلالات الممكنة في كل لون؟

     الإنسان يتحدث اللغة والطبيعة تتحدث الألوان، فاللغة أشبه بقوس قزح، أحلامنا وردية، غضبنا أحمر، حزننا أسود، والشباب الذي بحوزتنا مصطبغ بلون الربيع الزاهي...
اللون ليس مادة ملموسة مجسدة، بل هو إحساس ناتج عن تصادم موجات كهرومغناطيسية تشكل الضوء مع الأدمغة البشرية (وبعض الحيوانات) لتتولى ترجمتها ليتولد الإحساس باللون، لكل لون موجة محددة بطول معين من الضوء فالأحمر صاحب أطول موجة كلون مرئي والبنفسجي الأقصر طولا على نفس الأساس، أما الموجات الوسيطة فتنتج ألوانا أخرى في حين أن الأبيض هو الهجين لكل الألوان. من المعروف أن ترابية لون قوس قزح الناتجة عن عبور أشعة الشمس خلال قطرات الماء تبدأ بالبنفسجي، النيلي، الأزرق، الأخضر، الأصفر، البرتقالي والأحمر نهاية، ولا يمكن للعين المجردة أن تبصر بعض الألوان وهي تلك الفوق البنفسجية نظرا لقصر موجاتها وأيضا التحت الحمراء وذلك لطول موجاتها.
   إن اللون يملأ المكان ويوجد في كل مكان في الشارع ، البيت، الطبيعة، الملابس، السيارة، المراجع، الليل، النهار... كل شيء له لون يؤثر ويتأثر بالذوق الإنساني نظرا لأثره النفسي وقدرته على الإثارة وبعث الهدوء والإحساس بالدفء، القوة والضعف ... انه إمكانية عظيمة لارتقاء الحياة الثقافية والجمالية ناهيك عن كون الاستعمال الجيد له تزيد من أهميته في حياة الإنسان.
إن الألوان على اختلافها تقع على مستوى الطبيعة بطرق تجعلها زاهية وفي غاية الروعة، وعلى ذلك ستتم الدراسة لدلالاتها المختلفة فلأصفر كلون من بين الألوان الدافئة ينتج عن تراكب الضوئين الأحمر والأخضر وهو الأقرب إلى الأبيض ويعطي جمالية إذا ما وضع تجاه خلفية بيضاء تنعم بالدفء والرقة. إن الأصفر الصارخ دليل على الجمال والتألق والحيوية وعندما يميل إلى لون البشرة أو الأوراق المتساقطة من الأشجار فيدل على الخريف، النهاية ويعطي إحساسا بالموت والفناء وفي لون الفاكهة دليل على النضج والطراوة وعلى مستوى لون أشعة الشمس يعطي إحساسا بالدفء والحيوية وفي بريق الذهب دال على الفخامة والرفاهية.
أما اللون الأحمر فهو الآخر من بين الألوان الدافئة وينتج عن تراكب البنفسجي والأصفر ويتميز بإشعاع عزيز يصلح تجاه الخلفيات البيضاء لكنه يظهر قوته ولمعانه عندما يوضع اتجاه خلفية سوداء، انه يجتذب العين إليه بدون مقاومة وهو رمز لعدة دلالات مختلفة فتارة يتخذ بمعنى الخطر كما الشأن في إشارات المرور، يثير الإحساس بالخوف عندما يمثل بقعة دم في حين أنه يثير الرعب والهلع داخل النيران المتوهجة. الأحمر أيضا يدعو إلى الفتنة على شفاء حسناء جميلة ويثير نبعا من الشهية في لون تفاحة حمراء أو قطعة بطيخ... أما في لون الزهور فيثير الإحساس بالبهجة والجمال والسرور والفرح في نفس الآن.
الأزرق من الألوان الباردة نحصل عليه بالمزج بين الأخضر والبنفسجي أمام أشعة الضوء، يزداد شفافية حينما تحيط به مساحة سوداء، انه اللون الوحيد الذي يغمر سطح الأرض لأنه يحدد الأبعاد ويضفي الشعور بالعمق وهو متميز بتخفيف التوتر والعصبية فهو في السماء سمو وعمق وفي الماء برودة وارتواء فهو الباعث للتفاؤل والهدوء يستعمل ضدا في الحسد في بعض المجتمعات وخاصة اليونانية الأصل.
البرتقالي أيضا هو الهجين بين الأصفر والأحمر حيال أشعة الضوء ليأخذ تألق الأصفر ودفئ الأحمر وهو صلة وصل بين الألوان الباردة والنظير الساخن منها فسخونته تزداد وسط الباردة وتقل سطوعه وسط الأحمر الملتهب وله عدة دلالات، يبعث الدفء في أشعة الشمس، يثير الفزع في النيران المشتعلة، النضج على مستوى الفاكهة والتأهب والاستعداد في حيز إشارات المرور.
عندما نمزج الأحمر والأزرق نحصل على اللون البنفسجي الذي يعتبر الأقل سطوعا بين الألوان ودلالاته غامضة تثير الغموض والإبهام والاستغراب والتساؤل من جهة والحيرة والتردد في اتخاذ القرارات من جهة أخرى ولقد أتخذه العشاق رمزا لهم لأنه يثير الخيال ويدعو العاطفة والرقة في التعامل.
أما الهجين من الأصفر والزرق فينتج اللون الأخضر، لون الطبيعة والربيع فهو العدو الوحيد للضيق والممل لذلك كان البدو يحبونه وهو يساهم في هدوء اضطرابات القلوب وذلك بمرجع علمي لمختصين نفسانيين أكفاء فهو إضافة إلى الأزرق يطغى على سطح الأرض بشكل ملفت للنظر.
إن سقوط أشعة الضوء على جسم عاكس لها ينتج اللون الأبيض الذي يعتبر الأكثر سطوعا بذلك أصبحت له القدرة على خفض قوة وتألق جميع الألوان بجانبه، لا يتأثر أبدا بأي لون آخر وهو الرمز المثالي للسلام والود والمحبة لأنه يضفي إحساسا بالسكينة والاطمئنان والسرور والحب، تتزين به العرائس في حفلات الزفاف كدليل على العذرية والطهارة بالرغم من أن هناك من يكرهه وخاصة الذين قضوا فترات طوال بين جدران المستشفيات.

اللون الأسود عديم اللون يتشكل عندما يختفي الضوء عن سطح أو مكان. إن الاستعمال الحكيم للأسود بين أنامل فناء ينتج عملا بالغ الصفاء لكن فقدان السيطرة عليه تبشر بالخراب، الضياع، السوداوية والحزن. غالبا ما يرتبط بالكسوف، الخزي والعار، المناسبات الحزينة المؤلمة لأنه يبعث التشاؤم في نفوس الكثيرين كما يعتبر في عالم الأزياء ملك السهرات إلى درجة أن هناك من يصمم أثواب الزفاف بالأسود ناهيك عن إعجاب الكائن البشري بالنجوم المتلألئة في صفحة السماء القاتمة السواد.
الرمادي يميل إلى السخونة والبرودة نهجا للامتزاج يتميز بالحياد، لون غامض جدا، منافق وعديم الشخصية لأنه ينسجم مع كل الألوان.
    عندما تتجسد الألوان تتشكل الدلالة وعندما تزيد في الشدة أو الضعف تتغير المعايير الدلالية فلكل لون معنى خاص حسب موقعه وشدته وليس هنالك لون جميل وآخر قبيح لأن ذلك يمضي نهجا للشخصية الإنسانية والمعنى المرتبط به اجتماعيا لهذا فالحياة بدون ألوان عدم سارح في بيداء العدم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق